| شَرِبْنَا عَلَى ذِكْرِ الْحَبِيبِ مُدَامَةً     | سَكِرْنَا بِهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُخْلَقَ الْكَرَمُ |
| ----------------------------------------------- | --------------------------------------------------- |
| لَهَا الْبَدْرُ كَأْسٌ وَهِيَ شَمْسٌ يُدِيرُهَا | هِلاَلٌ وَكَمْ تَبْدُو إِذَا مُزِجَتْ نَجْمُ        |
| فَإِنْ ذٌكِرتْ فِي الْحَيِّ أَصْبَحَ أَهْلُهُ   | نَشاوَى وَلا عَارٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ إِثْمٌ          |
| وَلَوْ نَضَحُوا مِنْها ثَرى قَبْرَ مَيِّتٍ      | لَعَادَتْ إِلَيْهِ الرُّوحُ وَانْتَعَشَ الجِسْمِ    |
| وَلوْ جُلِيَتْ سِتْراً عَلى أكْمَهٍ غَدا        | بَصِيراً وَمِنْ رَوادِقِها تُسْمِعُ الصُّمُ         |
| يَقُولُونَ لِي صِفْهَا فَأَنْتَ بِوَصْفِهَا     | خَبِيرُ أَجَلْ عِنْدِي بأَِوْصاْفِهَا عِلْمٌ        |
| صَفاءُ وَلا ماءٌ وَلُطْفٌ وَلاَ هَواءٌ          | وَنُورٌ وَلاَ نَا رٌ وَرُوحٌ وَلاَ جِسْمٌ           |
| تَقَدَّمَ كُلُّ الْكَائِناتِ حَديثُهَا          | قَدِيماً وَلاَ شَكْلٌ هُناكَ وَلاَرَسْمٌ            |
| عَلَى نَفْسِهِ فَلْيَبْكِي مَنْ ضَاعَ عُمْرُهُ  | وَلَيْسَ لَهُ مِنْهَا نَصِيبٌ وَلاَ سَهَمُ          |
| ولـولا شـذاها ما  اهتديـت لحانهــا              | ولـولا سناهـا مـا تصورهـا  الوهـم                   |
| ولم يُبق  مـنها الدهـر  غير حشـاشـة             | كـأن خفاهـا في صـدور  النـهى كتم                    |
| ومن بـين  أحشـاء الدنـان تصاعـدت                | ولم يبـق منهـا في الحقيقــة إلا اسـم                |
| وان خطـرت يـوما على خاطر امـرئ                  | أقامـت بـه الأفـراح وارتحـل الهـم                   |
| ولـو نظـر الندمـان ختـم  إنـائـها               | لأسكرهـم مـن دونهـا  ذلـك  الختم                    |
| ولو نضحـوا  منهـا ثـرى قبـر ميـت                | لعـادت إليـه الـروح و انتعش  الجسم                  |
| ولو قربـوا مـن حانهـا مقعـدا مشـى               | و تنطـق مـن ذكـرى مذاقها البكم                      |
| ولو عبقـت في الشـرق أنفـاس طيبهـا               | و في الغـرب مـزكوم لعـاد لـه  الشم                  |
| ولو خضـبت من كأسها  كـف لامـس                   | لما  ضـل  في ليـل  و في يـده النجـم                 |
| ولـو أن ركبـا  يمـمو تـرب أرضهـا                | وفي الركـب ملـسوع لما ضـره السـم                    |
| ولو رسم الراقي  حـروف اسمهـا                    | علـى  جبيـن مصـاب جُـن  أبــرأه الرسـم              |
| و فوق لواء  الجيـش لـو رُقـم اسمهـا             | لأسكر  من تحـت اللـوا ذلك الـرقـم                   |
| تهـذب أخـلاق النـدامـى  فيهتـدي                 | بهـا لطريـق  العـزم مـن لا  لـه  العزم              |
| ويكرم  من لـم  يعـرف الجـود كفـه                | و يحلـم عنـد الغيـظ مـن لا  له  حلـم                |
| يقولون  لـي  صفهـا فأنـت بوصفهـا                | خبيـر أجـل عنـدي بـأوصافهـا  علـم                   |
| صفـاء  و لا مـاء و لطـف ولا هـوى                | و نـور ولا نــار و روح و لا  جســم                  |
| تَقَـدَّم  كـل الكـائنـات  حـديثَهـا            | قديـما و لا شكـل هنـاك و لا  رســم                  |
| وقامـت  بهـا  الأشيـاء ثَـم لحكمـة              | بهـا احتجبـت  عـن كـل ما لا له فهـم                 |
| وهامـت بهـا روحـي بحـيث تمازجـا                 | اتحــاد  و لا جـرم  تخـلـلـه جــرم                  |
| فـخمـر ولا كـرم و آدم لــي  أب                  | و كــرم  و لا خمـر ولــي  أمــها أم                 |
| ولطـف الأوانـي في الحقـيقـة تابـع               | لِلُـطـف الـمعـاني و المعـاني بهـا  تنـمّ           |
| وقـد وقـع التفريـق والكـل واحـد                 | فـأرواحنـا خمر و أشبـاحنـــا كــرم                  |
| ولا قبلهـا قبـل و لا بعـد  بعـدهـا              | و قبليــة الأبعــاد فهـي  لهـا  حـتـم               |
| وعصر المدى من قبلـه كـان عصرهـا                 | و عهـدا بيّنــا بعدهــا  و لهـا اليـتـم             |
| محاسـنُ  تهـدي  المادحيـن  لوصفهـا              | فـيـحـسـن  فيهـا النثــر و النظــم                  |
| كمشتـاق نُعــم  كلمــا ذكرت نُعــم              | ويطرب من  لم  يدرهـا  عنـد ذكرهـا                   |
| وقالـوا  شربـت  الإثـم كـلا وإنمـا              | شربـت التي في تـركهـا عنـدي الإثــم                 |
| هنيئا لأهل  الديـر كـم سكـروا بهـا              | و مـا شربـوا منهـا و لكنهــم هـمـوا                 |
| و عندي منهـا نشـوة  قـبل  نشـأتي                | معـي أبــدأ تبقـى و إن بلـي العظــم                 |
| عليـك بهـا صرفـا و إن شئت مزجها                 | فعدلـك عـن ظلـم الحبيـب هـو الظلم                   |
| فلا عيش في  الدنيا لمن  عـاش صاحيـا             | و مـن لـم يمـت سكـرا بهـا فاته الحـزم               |
| على نفسه فليبك مـن  ضـاع عمـره                  | و ليـس لـه فيهـا نصيـب و لا  سـهـم                  |